الجمعة، 6 يناير 2017

المدوّنة .. قرارٌ أتى متأخرًا!

منذ أعوام وفكرة إنشاء المدوّنة كانت قد عرفت طريقها إلى رأسي، ولكنني لم أبتّ في الأمر لأعذار وحجج ربما تكن صحيحة وربما تكون خاطئة؛ أهمها أني لا أمتلك عددًا كبيرًا، أو فلنقل مناسبًا من القرّاء الذين سيقرؤونها ويتفاعلون معها؛ فما فائدة الكتاب إن لم يقرؤه أحد؟ أو الخطيب إن لم يستمع إليه أحد أو المنظر الخلّاب إن لم يستمتع بحسنه أحد! هكذا كنت أعتقد، ولكن هذه القناعة ما لبثت أن تتغير بمرور الأيام؛ سأكتب وسأذيع كلماتي من خلال هذا المنبر وليجتمع حوله من أراد ..قلّة كانوا أو كثرة.. عشرةً كانوا أو مئة؛ فمن يدري ؟ فقد يعطيك الله في القلة مالا يعطيك في الكثرة فيقرؤون لك بعينٍ شاهدةٍ وقلبٍ خاشعٍ فتتراسل أفكارك مع أفكارهم وتتماهى روحك مع أرواحهم وتتفاعل كلماتك مع كلماتهم ثناءً أو نقدًا فيطرح الله البركة فيهم دون الكثرة التي ربما تكون غثاءً كغثاء السيل!
ثم إنها الكتابة قبل شيء، وإنني قد اشتققتُ بعضي وجُلّ حُلمي وثُلةً من قلبي من اسمها ومعناها: فأنا "كاتبة"؛ والكلمات مهما بدت جميلةً ورائعة ستظل الأقبية والأغطية تُلقي عليها من ظلمتها فتبدو وكأنها سوداء كاسفة فيُنتقص من جمالها وروعتها الشيءَ الكثير؛ بالضبط كما يصف إيلياء أبو ماضي الليل وعمله في الطبيعة:

لا فرق عند اللّيل بين النهر و المستنقعِ
يخفي ابتسامات الطروب كأدمع المتوجّعِ
إنّ الجمال يغيب مثل القبح تحت البّرقعِ

إلا إنها إن هذه الكلمات إن خرجت وسُلّط عليها النور فسيبدو جمالها واضحًا بائنًا لا بهمة أو شائبة تكدر منظره؛ فالكلمات إن استحقت النشر ولم تُنشر كان ذلك ظلمًا لها ولكاتبها وموهبته وفنه، ودوافعنا للكتابة مهما كانت قويةً أو ضعيفة فللناس فيها نصيبٌ كبير! فالأديب أو الشاعر لم يكتب ما كتب أول مرة إلا من بعد ما رأى من اهتمام الناس وتقديرهم للشعر أو النثر أو الخُطب أو القصص أو الخواطر أو غيرها من أساليب التعبير بالكلام..صحيحٌ أنه قد تطغى بعد ذلك دوافع أخرى كالتنفيس عن الحزن أو غيره إلا أن دافع تخيّل ردود الأفعال حول النص المكتوب كان النهر الذي تولّدت منه جداول الدوافع الأخرى، وهو إن لم يكن الدافع المحرك للكتابة في نصٍ ما فهو في الغالب يكون الدافع التابع والأخير حين يقرر الكاتب أن نصه يستحق أن يُنشر ويظهر.. فرأيت أنه قد آن الأوان لأخلق لأفكاري وكلماتي بابًا تخرج منه على الناس فتراهم ويرونها وتتشاركهم ويتشاركونها، ورأيت أن الفضاء الذي تهبني إياه المدوّنة هو الأمثل لأبسط فيه أفكاري وكلماتي كل البسط بلا تقييد أو تجاوز وبلا إسراف أو تقتير، الأمر الذي أفتقده في تويتر مثلًا لأن تويتر بطبيعة مساحات التغريدات الصغيرة التي يوفّرها يجعل بعض أفكارك وكلماتك تظهر وتعبر عن نفسها ويسمعها الناس ولكن بصوتٍ مبحوح.. أو كلماتٍ مُقتضَبة .. أو ملامح وحركات جامدة.. أو ما شئتَ من الحواجز التي تحول دون وصول الفكرة واضحةً ووافيةً وبليغة! إضافةً إلى عدة ميزات يوفّرها لك التدوين وعالمه ربما لن تجدها في غيره من المنصات الافتراضية.

هناك تعليقان (2):

  1. من أجمل القرارات..نوره.
    بإنتظار فيوضاتك يا مُبدعة..

    منى.

    ردحذف
  2. ممتنة لك جدًا يا خالتي العزيزة ..
    أسعدتيني كثيرًا !

    ردحذف